حكم حلق اللحية لأسباب سياسية
س : رجل حلق لحيته لظروف سياسية ، وحين سألته قال : لا أستطيع أن أنطلق كداعية في هذا المكان والزمان إلا بحلق اللحية ، فهل يعذر في ذلك؟
ج : لا يجوز للمسلم أن يحلق لحيته لأسباب سياسية ، أو ليمكن من الدعوة ، بل الواجب عليه إعفاؤها وتوفيرها؛ امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من الأحاديث ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته .
فإذا لم يتمكن من الدعوة إلا بحلقها انتقل إلى بلاد أخرى يتمكن من الدعوة فيها بغير حلق ، إذا كان لديه علم وبصيرة؛ عملا بالأدلة الشرعية في ذلك ، مثل قوله سبحانه : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الآية ، وقوله سبحانه : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي الآية .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من دل على خير فله مثل أجر فاعله أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود وجهادهم : ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته .
والآيات والأحاديث في وجوب الدعوة إلى الله وبيان فضلها كثيرة ، وحاجة المسلمين وغيرهم إليها شديدة؛ لأنها هي الوسيلة لتبصير الناس بدينهم وإرشادهم إلى أسباب النجاة ، ولأنها وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم بإحسان . والله ولي التوفيق .
أجاب سماحته على هذا السؤال ضمن تعليق سماحته على ندوة حول صلاة الاستسقاء للمشائخ: صالح الأطرم، وعبد الرحمن البراك، وعبد العزيز الراجحي. وذلك بسجد الجامع الكبير بالرياض .
هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى الفتنة؟
س : إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة هل له ؟حلقها
ج : ليس له ذلك ، بل عليه أن يتقي الله ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه ، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها ، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء وعدوان ، فإذا استقام على الطريق ، ودعا إلى الله باللسان ، ووجه الناس إلى الخير ، أو أقبل على شأنه ، وحافظ على الصلاة ، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له ، هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء ؛ فلهذا يتعرض لهم المسئولون .
فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء ، وأن يتقي الله ويرخي لحيته ، ويحافظ على الصلاة ، وينصح الإخوان ولكن بالرفق ، بالكلام الطيب ، لا بالتعدي على الناس ، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم ، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ، قال الله جل وعلا : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى وقال النبي
صلى الله عليه وسلم : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه ولا سيما في هذا العصر ، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة ، وليس عصر الشدة .
الناس أكثرهم في جهل ، في غفلة إيثار للدنيا ، فلا بد من الصبر ، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة ، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا .
ونسأل الله للجميع الهداية .
نشرت في جريدة المسلمون في العدد ( 532 ) ليوم الجمعة الموافق 15 / 11 / 1415 هـ .