الحمد لله
أولاً:
صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لَيْسَ أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا ، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ) رواه البخاري برقم (6099) .
ولولا حلم الله على من سبَّه وشتمه لعاجلهم بالعقوبة ، كأن يمسخهم قردة وخنازير ، أو يحرق ألسنتهم ، أو يسلبهم عقولهم فيسيرون في الطرقات لا يدرون ما يفعلون ، وكل هذه نعم من الله تعالى أنعمها على عبيده ، ولو شاء لعطلها عنهم ، ولكن الله تعالى يمهلهم ، ويؤخرهم ، فلعل أحداً منهم أن يتوب ويرجع لربه تعالى .
وليُعلم أن حكم ذلك الساب البغيض هو الخروج من الملة ، وأنه بسبِّه ذاك صار مرتداً ، حبطت أعماله الصالحة كلها ، وفُسخ عقد زواجه ، فحرمت عليه امرأته المسلمة ، وأنه إن مات على تلك الحال ولم يدخل في الإسلام : فلا يُغسَّل ، ولا يكفَّن ، ولا يُصلَّى عليه ، ولا يُدفن في مقابر المسلمين ، كما أنه لا يرث ، ولا يورث ، وأما كونه يصلِّي : فإن هذا ليس بشافع ولا بنافع ، ولا بمانع ، فلا تشفع له صلاته عند ربه تعالى ، ولا في عدم ترتب أحكام الردة عليه ، ولا تنفعه صلاته عند ربه ؛ لأن الله تعالى سيحبطها ، ويحبط أعماله الصالحة جميعها ، ولن تمنعه صلاته من أن يكون مع المرتدين ، ومنهم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "فتاوى الشيخ ابن باز" ( 28 / 216 , 217 ) : " لو أن إنساناً يسبُّ الله ورسوله ، أو يسبُّ دين الله ، أو يستهزئ بدين الله ، أو بالجنَّة ، أو بالنَّار : فإنه لا ينفعه كونه يصلي ، ويصوم ، إذا وجد منه الناقض من نواقض الإسلام : بطلت الأعمال ، حتى يتوب إلى الله من ذلك .
هذه قاعدة مهمة ، قال تعالى : ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/ 88 ، وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) الزمر/ 65 , 66 " انتهى