المرأة المسلمة اليوم – إلا من رحم الله - تقف في وجه الأعاصير التي تهب عليها من الغرب ! .. تقف حائرة مستسلمة لا حول لها ولا قوة ! .. أشبه شيء بريشة في مهب الريح تقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر وهي لا تدري ما سر الانكفاءة الأولى ولا ما الدافع للانكفاءة الثانية ؟!....
ولو سألتها لِمَ قصرت شعرك وقد كان منذ أيام جدائل مسترسلة ؟ أو لم فتحت الثوب من أمام وقد كان منذ شهور فتحته من خلف ! ما سمعت منها إلا جوابا واحدا : هو الموضة الآن في الغرب !
وصدق الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وءاله وسلم – إذ يقول : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع , حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه) , قالوا : اليهود والنصارى ؟؟ , قال صلى الله عليه وءاله وسلم : ( فمن ؟) أي : فمن غيرهم .
إنه التقليد ألأعمى وفقدان الهوية الانهزامية النفسية أمام كل ما يأتينا عن ( أصحاب الحضارة) الذين لا يعرفون شيئا عن الله ... "
كنت أكتب هذه السطور وأنا جالس أنتظر القطار السريع في إحدى محطات شمال مصر , وبينما كنت منهمكا في الكتابة إذ جلس إلى جانبي مجموعة من الشباب من طلبة الجامعة .. فلما استقر بهم المجلس مِلت إلى أقربهم مني مجلسا وسألته : هل توافق على لبس المرأة للبنطلون ؟!
أجابني : بالطبع لا ! ولكن ... لماذا تسأل ؟
قلت : لأنني أكتب في هذا الموضوع وأريد أن أجمع شتاته , ويعينني أن أسمع لك ولغيرك حتى لا يكون الكلام فقط صدى نفسي وحدها , ومجرد رأي استقر في نفسي فأنا أؤمن به وأصم أذني عما سواه مما يخالفه أو يقع على مبعدة منه !!
قال : أنا لا أوافق على البنطلون لأنه تشبه من المرأة بالرجال , والنبي صلى الله عليه وءاله وسلم قال : ( لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) .
دخل الثاني في الحوار مدليا بدلوه فقال : البنطلون فيه إغراء للشباب ... وكأن الواحدة منهن تريد أن تجذب انتباه الرجل إليها بأي وسيلة !! فهي تتفنن كل يوم في تقليعة جديدة لعلها تلفت إليها الأنظار !! تفكير شياطين يا عم الشيخ !!!
قلت : صدقت والله ... فإنه فعلا تفكير ومخطط ومكر وتدبير من شياطين الإنس والجن للإيقاع بالفتاة المسلمة , وصدق الله تبارك وتعالى في وصفهم : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .
قال الثالث : والله أنا أتعجب للرجل الذي يسمح لابنته أو لزوجته أن تخرج من بيتها لتظهر عارية أمام الناس !!
قلت – مستدرجا إياه في الحديث - : هي لا تمشي عارية , فهي تلبس البنطلون !!
قال : هي عارية بلبسها البنطلون , فإنه والله لا يستر شيئا من جسدها , بل هو يغري بها أكثر وأكثر ويجعلها أكثر إثارة للشهوة والفتنة .
ثم لم يصبر الأول فقاطعنا قائلا : وكيف يسمح الرجل لنفسه أصلا أن يتزوج من امرأة تلبس البنطلون وينظر إليها طوب الأرض وكل من هب ودب ؟!!! ثم بالله عليك هل تصلح هذه لتكون أما صالحة لأبناء يرتجى منهم الخير ؟!!
مشكلتنا أننا نعرف كل شيء , فــ ( الحلال بين والحرام بين ) , ومع ذلك لا نعمل بما نعرفه !! وهذا تراه في أمور كثيرة جدا تخالف فيها أفعالنا معرفنا وأقوالنا ... فنحن لا نكف عن المعاصي لا عن جهل ولكن عن عناد ! وأحيانا عن استخفاف واستهزاء بالدين وأحكامه , وثق أنه من هنا سيأتي الخراب .... ونسأل الله العافية .
واستأنف الثالث : البنطلون – أصلا – يتنافى مع فكرة المرأة وتركيبتها النفسية التي تقوم على الحياء والستر .. لقد كانوا يضربون بها المثل في الحياء فيقولون ( أشد حياء من العذراء في خدرها ) , وبصراحة : امرأة تلبس البنطلون = امرأة لا تعرف الحياء .
ويكفي أنها جريئة لدرجة أنها تغري الشباب بهذا اللباس الفاتن لتلفت الأنظار إليها !
وأضاف الثاني موجها الحديث إليّ : تريدني أن أكون صادقا معك ؟؟
قلت : كأنك مع نفسك حتى ننتفع بوجهة نظرك .
قال : أتدري لماذا تصر أكثر الفتيات اليوم على لبس البنطلون ؟ ولماذا يسعى أكثرهن أن يكون ضيقا ملاصقا للجسم ؟!
قلت : لماذا ؟
قال : كلما ضاق البنطلون أكثر كان أكثر إثارة للشهوة !! شهوة من ينظر إليها من الشباب فيغريه ذلك بالبحلقة فيها وتأمل مفاتنها , وكفى بهذا فسادا وفتنة . والعين تزني وزناها النظر كما أخبر النبي صلى الله عليه وءاله وسلم , والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس , والمرأة في زماننا هذا للأسف صارت هدفا تتكسر عليه السهام على السهام ... وكلما ضاق البنطلون أكثر أثار شهوة صاحبتنا أكثر , خاصة في زمن أعلنا فيه الحرب على الختان الذي يهذب ويرشد الإثارة الجنسية عند المرأة .
وقال الرابع : أحيانا يا عم الشيخ تكون الطالبة الجامعية من بيئة فقيرة وهذا شيء رأيته بعيني , ومع ذلك تريد أن تحسب نفسها على الطبقة التي يسمونها راقية , فتلبس البنطلون تريد أن تتشبه بهذه الطائفة من الناس وكأنها إذا لبست البنطلون فقد انسلخت من الفقر وأهله ولحقت بركب الأغنياء المترفين !
وقال الآخر متسائلا : يا عم الشيخ , ما السر في انتشار البنطلون بهذا الشكل المفزع و بهذه السرعة الرهيبة كأنه النار في الهشيم ؟؟
قلت : أسئلتكم في غاية الروعة ... والسر في انتشار هذا اللباس العاري بهذا الشكل المخيف وبهذه السرعة الرهيبة هو التقليد الأعمى . فالنساء مشهورات بالغيرة وأحيانا بالغيرة القاتلة .. فالنساء يغار بعضهن من بعض بشكل لا نستطيع نحن الرجال أن نتصوره لأننا لا نعيش بمشاعر المرأة وتصورات المرأة ... وهذه الغيرة تدفع الواحدة منهم إلى تقليد غيرها – ولو في الشر – حتى لا يتفوق عليها أحد , ولا قوة إلا بالله .
ولا يستثنى من ذلك إلا المؤمنات الصادقات فإنهن جاهدن أنفسهن حتى استقامت على أمر الله بعيدا عن هذه الترهات وعن طريق التقليد .
لقد استحوذ الشيطان على كثير من النساء وأغراهن بلبس البنطلون .. لماذا ؟؟
ليحقق بذلك مأربا قديما له هو وجنوده بتجريد ءادم وحواء وذريتهما مما يستر عوراتهم , قال تعالى : ( يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما ) .
لماذا ينزع عنهما لباسهما ؟ ( ليريهما سوءاتهما ) , فإذا رأى الرجل سوأة المرأة ورأت المرأة مثل ذلك من الرجل فما المنتظر بعد ذلك ؟؟ الفاحشة الكبرى لا غير ! وهذا هو مراد الشيطان وجنوده .. نسأل الله تعالى العافية .
ثم تعالَ : لماذا يغري الشيطان المرأة بلبس البنطلون ؟؟ ليجردها من الحياء , ولم الحياء بخاصة ؟؟ لأنه أجلُُّ أخلاق المرأة وأعظم أخلاق الإسلام .. قال صلى الله عليه وءاله وسلم : ( إن لكل دين خلقا , وخلق الإسلام الحياء ) رواه ابن ماجه بسند صحيح. فإذا أصابها الشيطان في حيائها فقد ضربها في صميم إسلامها .
ثم أمطرنا أحدهم بوابل من الأسئلة وفحواها كلها : هل البنطلون مما جاء به الشرع ؟؟؟!
قلت : الشرع جاء بنقيضه , جاء بالحشمة والوقار والستر والعفاف , والأدب والحياء .
وهذا كله لا يتوافر إلا في الحجاب الشرعي الذي أمر الله تعالى به في قوله عز وجل : (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) , وقوله سبحانه (وإذا سألتموهن متاعا اسألوهن من وراء حجاب) وليس من وراء بنطلون ضيق ومجسم !
إن التي تلبس البنطلون لا تلبسه لأن الشرع أمر به –وحاشا للشرع المطهر أن يأمر بمثل ذلك- , بل لأن هواها أمرها به . والهوى قد يستعبد صاحبه ليهوى به في جهنم والعياذ بالله ,, كما قال عز وجل : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) الفرقان 43, 44 .
بل قد تكون هذه المرأة التي ترتدي البنطلون وتعودت عليه كارهة للحجاب , ناقمة عليه , لأنه ليس على هواها . فماذا يكون حظها من الإيمان وهي تكره ما أنزل الله ؟؟ أمر في غاية الخطورة – أي أن تصل لأن تكره ما أنزل الله - قد يخرج بصاحبته من ملة الإسلام وهي لا تدري , ألم يقل الله عز وجل : (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) .
ولقد روي عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) .
قال الأخر : سؤال أخير يا شيخنا : ما هي اعتراضات العلماء ومآخذهم على البنطلون ؟
قلت : مآخذهم متعددة :
1- البنطلون ثوب ضيق يحدد معالم جسم المرأة , ويحدد حجم أعضائها , فتسطيع بسهولة أن تحدد هل هي نحيفة أم ممتلئة ونحو ذلك بالنظر إليها , ناهيك عن أنه يجسم العورة المغلظة وفي ذلك - والعياذ بالله- من فقد الحياء والذنب العظيم ما فيه .
2- لابسة البنطلون تدخل بالاتفاق تحت قول النبي صلى الله عليه وءاله وسلم :
( صنفان من أهل النار لم أرهما , قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا . ) رواه مسلم .
3- البنطلون قد يكون فيه تشبه بالرجال ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال , كما قال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .
4- البنطلون فيه تشبه بالكافرات , فالبنطلون ما عرفته نساؤنا أصلا إلا عن المرأة الغربية الكافرة عبر وسائل الإعلام , وقد قال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) , فالتي تتشبه بنساء الصحابة وأمهات المؤمنين ستحشر معهم إن شاء الله وإن لم تكن مثلهم , والتي تتشبه بالكافرات قد تحشر معهم أيضا والعياذ بالله .
5- البنطلون مثير للفتنة , وفيه إشاعة للفاحشة , ومهيج لشهوات الرجال والنساء على السواء .
والله سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .
إن المرأة التي ترتكب هذه الكبيرة تساهم في نشر الفساد والفاحشة بين شباب المسلمين , وعليها وزر بكل رجل ينظر إليها , نعوذ بالله من الخذلان .
6- إن ما يلبس فوق البنطلون – على النصف العلوي من الجسد – يكون أيضا في الغالب ضيقا مثل البنطلون , يحدد حجم بطن المرأة وخصرها وصدرها ومفاتنها , وصدق من قال : من يهن يسهل الهوان عليه .........ما لجرح بميت إيلامُ !
لست أدري كيف تصبر امرأة عاقلة على ثوب يصنع بها كل هذا ويجعلها من أهل النار والعياذ بالله .
وبالنظر إلى مآخذ العلماء على البنطلون تجد أنه فعلا لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بالحجاب الشرعي الذي فرضه الله على المؤمنات . واعتراض العلماء على البنطلون يا شباب لا يعني إقرارهم للجيبة الضيقة أو القصيرة أو الشفافة التي تكشف وتعري جسد المرأة , والخير – كل الخير – في اتباع الشرع المطهر , واتباع أمر النبي صلى الله عليه وءاله وسلم , أولئك الذين يتبعون أمر النبي صلى الله عليه وءاله وسلم هم المفلحون – إن شاء الله - في الدنيا والاخرة .
ثم قال الأول : إن قدر لك أن تخاطب الآباء في موضوع البنطلون من فوق المنبر في خطبة الجمعة فبماذا توصيهم ؟؟ وبم تنصحهم ؟؟
قلت : أوصيهم أن يتحملوا الأمانة التي حملهم الله بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) .
هذه الأمانة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ,, والله سبحانه سيسأل كل والد عن ولده وكل راع عن رعيته .
وستسأل أيها الأب عن هذه الفتاة التي استرعاك الله إياها ائتمنك عليها فخنت الأمانة وضيعت الرعية . فكيف بك إذا تعلقت ابنتك في رقبتك يوم القيامة وتبرأت إلى الله عز وجل منك فقالت : ( ضيعك الله كما ضيعتني ) وقالت : (يا رب.. سل هذا لم خان الأمانة ؟ اللهم خذ منه بثأري ) .
وصدق الله عز وجل : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا ) ,وهذا هو الحصاد المر الذي يجنيه هؤلاء الآباء والأبناء في نهاية المطاف , نعوذ بالله من الخذلان .