إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى من اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فاليوم نبين فروق الاعتقاد بين أهل السنة والشيعة
القرآن الكريم بين أهل السنة والشيعة
الحديث بين أهل السنة والشيعة
الصحابة بين أهل السنة والشيعة
عقيدة التوحيد بين أهل السنة والشيعة
وهناك أبواب أخرى
· عقيدة أهل السنة والشيعة في القرآن الكريم:
القرآن الكريم عند أهل السنة متفق على صحته وسلامته من الزيادة والنقصان، ويفهم طبقاً لأصول اللغة العربية، وهم يؤمنون بكل حرف منه، ويؤمنون بأنه كلام الله غير حادث ولا مخلوق، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو المصدر الأول لكل عقائد المسلمين ومعاملاتهم. أما عند الشيعة فالقرآن الكريم مطعون في صحته، عند بعضهم، ويدل على ذلك بأن أحد علمائهم بل كبيراً منهم واسمه: ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي الذي بلغ من إجلالهم له أنهم دفنوه في المشهد المرتضوي بالنجف، هذا العالم النجفي ألف في سنة ألف ومائتين واثنتين وتسعين هجرية وهو في النجف عند القبر المنسوب إلى الإمام علي كتب كتاباً سماه: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه.
وقد طبع كتاب الطبرسي هذا في إيران سنة (1298هـ) وعند طبعه قامت حوله ضجة؛ لأنهم كانوا يريدون أن يبقى التشكيك في صحة القرآن محصوراً بين الخاصة عندهم، ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم، وأن لا يجمع ذلك في كتاب واحد تطبع منه الآلاف من النسخ، ويطلع عليه خصومهم، فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار جميع الناس، ولما أبدى عقلاؤهم هذه الملاحظات، خالفهم فيها الطبرسي بمؤلف جديد سماه: رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، وقد كتب هذا الدفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين، وقد كافئوه على هذا المجهود في إثبات أن القرآن محرف بأن دفنوه في ذلك المكان المميز في المشهد العلوي في النجف.
ولذا ابن حزم الظاهري عندما كان يناظر قساوسة في الأندلس، وكان يكلمهم بما في الإنجيل من تحريف، وأثبت لهم ذلك، فقالوا له: الشيعة عندكم يثبتون تحريف القرآن، فكيف خرج ابن حزم من هذا الكلام؟ قال: الشيعة عندنا ليسوا مسلمين، فلا تحتجوا بهم، من قال: إن هذا القرآن فيه تحريف فهو ليس بمسلم، والإمام مالك قال في قوله تعالى: (( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ ))[الفتح:29] قال: من أصبح مغتاظاً من أبي بكر وعمر وسائر الصحابة فهو من أهل هذه الآية.
فالشيعة عندهم أن القرآن الكريم مطعون في صحته، وإذا اصطدم بشيء من معتقداتهم يؤولونه تأويلات عجيبة، يعني: تصوروا أن الآيات التي جاءت في فضل أبي بكر رضي الله عنه: (( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ))[التوبة:40] هذه الآية تشير عند أهل السنة إلى فضيلة أبي بكر، وأنه رافق النبي محمداً صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة، والآية صريحة في ذلك، إذاً كيف يخرج منها الشيعة؟
قالوا: إنما أخذ صاحبه معه لكي يأمن شره؛ لأنه لو تركه في مكه المشركين عليه من أجل أخذ المكافأة، أهذا كلام يقال؟!!
وإذا قلت لهم: إن الله عز وجل ترضى عن الصحابة بقوله: (( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ))[الفتح:18] قالوا: هو لم يقصد الصحابة كلهم، وإنما هو يقصد المؤمنين من الصحابة، وما بقي على الإيمان منهم إلا أهل البيت أما باقي الصحابة فقد ارتدوا وكفروا، يعني: أنهم يأتون إلى الآيات الصريحة يؤولونها، هذا غير التحريف اللفظي والعياذ بالله الذي أظهره الطبرسي في كتابه. يؤولونها تأويلات عجيبة تتفق مع مذهبهم، ولهذا سموا: بالمتأولة، ويحبون أن يثيروا دائماً ما صار من اختلاف عند بدء تدوين القرآن، أما مصدر التشريع عندهم فهو كلام الأئمة، وهو غير موثق من الأئمة، وسنده غير صحيح إلى الأئمة، يكفي أن أحدهم إذا رأى رأياً أن يقول: قال الباقر كذا، قال الصادق كذا، بأي إسناد وبأي كلام وينسب الكلام إلى الأئمة بما يريد أن يعطيه للأمة من تشريع والعياذ بالله.
وتصور من تحريفهم التحريف المعنوي للقرآن ترى أموراً حاجات غريبة يعني: تضحك منها، قالوا: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ))[البقرة:67] قالوا: يعني: عائشة، وهذا من غيظهم على عائشة، وفي سورة الرحمن: (( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ))[الرحمن:19] يقولون: علي وفاطمة: (( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ))[الرحمن:20] يقولون: الحسن والحسين وهذا كلام غير مناسب لا لمقصود الآيات، ولا لمقصود اللغة، وإنما هو مجرد تأويل وكلام لا معنى له، وعامة الشيعة يتقبلون من الخاصة مثل هذا الهراء
.
· عقيدة أهل السنة والشيعة في السنة النبوية:
الحديث عند أهل السنة هو المصدر الثاني للشريعة، والمفسر للقرآن الكريم، ولا تجوز مخالفة أحكام أي حديث صحت نسبته للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأهل السنة يعتمدون في تصحيح الأحاديث على التي اتفق عليها فقهاء الأمة في علم مصطلح الحديث، وطريقها تحقيق السند دون تفريق بين الرجال والنساء، إلا من حيث التوثيق بشهادة العدول، ولكل راوٍ من الرواة تاريخ معروف وأحاديث محددة صحيحة، أو مطعون في صحتها، وقد تم ذلك بأكبر جهد علمي عرفه التاريخ، فلا يقبل حديث من كاذب، ولا من مجهول، ولا من أحد لمجرد رابطة القرابة أو النسب؛ لأنها أمانة عظيمة تسمو على كل الاعتبارات.
أما الحديث عند الشيعة فإنهم لا يعتمدون إلا الأحاديث المنسوبة لآل البيت، أما أحاديث أبي هريرة فمرفوضة، وكذلك أحاديث عائشة مرفوضة، وأحاديث عمر وأبي بكر مرفوضة، وأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص كلها مرفوضة إلا أحاديث جاءت عن طريق أهل البيت، حسناً! لننظر إلى الأحاديث التي من طريق أهل البيت هل هي موثقة وإلا غير موثقة؟ وكذلك يقبلون الأحاديث التي جاءت عن طريق الذين كانوا مع علي رضي الله عنه، ويرفضون ما سوى ذلك، ولا يهتمون بصحة السند، ولا الأسلوب العلمي، فكثيراً ما يقولون مثلاً: عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا، عن رجل، أصحابهم مجهولون وعن رجل مجهول، وهم أصلاً غير ثقات فيما ينقلون، وكتبهم ملئت بعشرات الآلاف من الأحاديث التي لا يمكن إثبات صحتها، وقد بنوا عليها دينهم، وبذلك أنكروا أكثر من ثلاثة أرباع السنة النبوية، وهذه من أهم نقاط الخلاف بين أهل السنة والشيعة، وهي مصادر التشريع من الحديث النبوي
.
· عقيدة أهل السنة والشيعة في الصحابة:
** الموقف من الصحابة:
أهل السنة يجمعون على احترامهم جميعاً، والترضي عنهم جميعاً؛ لأنهم كلهم عدول، واعتبار ما شجر بينهم من خلاف أنه من قبيل الاجتهاد الذي فعلوه مخلصين، وقد انتهت ظروفه، ولا يجوز لنا أن نبني عليه أحقاداً تستمر مع الأجيال، بل هم الذين قال الله فيهم أفضل ما قال في جماعة أخرى، وذكرنا أنك لو سألت اليهود: من هم أفضل أمتكم؟ لقالوا: الذين صحبوا موسى، وإذا سألت النصارى: من هم أفضل أمتكم؟ لقالوا: الحواريون الذين صحبوا عيسى، وإذا سألت الشيعة: من هم شر أمتكم؟ لقالوا: أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنهم في الحقيقة هم خير من صحب نبياً، يعني: أصحاب النبي محمد أفضل من أصحاب موسى وأفضل من أصحاب عيسى، وانظر إلى مقالة الحواريين: (( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ))[المائدة:112] لم يفعل ذلك الصحابة مع النبي عليه الصلاة والسلام، لم يتحالوا كما احتال أهل السبت، لم يقولوا: (( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ))[المائدة:24]، بل قالوا: اذهب أنت وربك فقاتلا إننا معكما مقاتلون، نقاتل عن يمينك وعن شمالك، ومن أمامك ومن خلفك، والله لئن خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، وبهذا يتبين أنهم خير من صحب نبياً على وجه الإطلاق رضي الله عنهم جميعاً.
وأثنى الله عليهم في مواطن كثيرة، وبرأهم وبرأ بعضهم على وجه التحديد، فلا يحل لأحد أن يتهمهم بعد ذلك ولا مصلحة لأحد في هذا.
أما الصحابة عند الشيعة فهم يرون أن الصحابة قد كفروا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلاً لا يتجاوزن أصابع اليدين، ويضعون علياً رضي الله عنه في مكانة خاصة الخاصة، فبعضهم يراه وصياً، وبعضهم يراه نبياً، وغلاتهم يرونه إلهاً كالسبئية أتباع عبد الله بن سبأ، ومن ثم فهم يحكمون على المسلمين بالنسبة لموقفهم منه رضي الله عنه، فمن اختير للخلافة قبله كعثمان وعمر وأبي بكر فهو إما ظالم أو كافر، ومن خالفه في الرأي فهو إما ظالم أو كافر أو فاسق، وكذلك الحال بالنسبة لمن خالف ذريته، ومن هنا أحدثوا في التاريخ فجوة هائلة من العداء والافتراء، وصارت قضية التشيع مدرسة تاريخية تمضي بهذه التعاليم الضارة عبر الأجيال
.
· عقيدة التوحيد عند أهل السنة والشيعة:
عقيدة التوحيد عند أهل السنة فهم يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى هو الواحد القهار، لا شريك له، ولا ند له، ولا نظير له، ولا واسطة بينه وبين عباده في العبادة، ويؤمنون بآيات الصفات كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه، (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))[الشورى:11] وأنه أرسل الأنبياء وكلفهم بتبليغ الرسالة، فبلغوها ولم يكتموا منها شيئاً. ويؤمنون بأن الغيب لله وحده، وأن الشفاعة مشروطة: (( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ))[البقرة:255].
وأهل السنة يؤمنون بأن الدعاء والنذر والذبح والطلب والاستغاثة كل ذلك لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، ولا يجوز لغيره، وأنه هو وحده الذي يملك الخير والشر، فليس لأحد معه سلطة ولا تصرف حياً كان أو ميتاً، والكل محتاجون لفضله ورحمته سبحانه، ومعرفة الله تجب عند أهل السنة بالشرع وبآيات الله قبل العقل الذي قد لا يهتدي وحده، ثم يتفكر الإنسان بعقله ليطمئن.
أما عقيدة التوحيد عند الشيعة فهم يؤمنون بالله تعالى، ووحدانيته، ولكنهم يشوبون هذا الاعتقاد بتصرفات شركية، فهم يدعون عباداً غير الله، يقولون: يا علي! يا حسين! يا زينب! ويدعون غير الله عز وجل من أهل القبور، وقلدهم في هذا الصوفية، ومما تجده من بواقي الدولة الفاطمية في تأليههم للإمام علي ما تسمعه من الأطفال لما يحصل الجدب يقولون: يا علي! فهم يستمطرون الإمام علي ويعتقدون أنه الذي ينزل المطر، وإذا شتم النساء بعضهم بعضاً قلن: يا عمر! يذمون عمر ويؤلهون علياً رضي الله عنه، هذا مما يقوله الصبيان ونسمعه إلى الآن من موروثات الدولة الفاطمية القديمة.
فهم يدعون غير الله ويقولون: يا علي! يا حسين! يا زينب! وينذرون ويذبحون لغير الله، ويطلبون من الأموات قضاء الحوائج، ولهم أدعية وقصائد كثيرة تؤكد هذا المعنى، وهم يتعبدون بها، ويعتقدون أن أئمتهم معصومون، وأنهم يعلمون الغيب، ولهم في الكون تدبير، والصوفية يقلدونهم في هذا فهم يقولون: رئيسة الديوان أم هاشم، ومعها الأقطاب والأبدال الذين هم موكلون بتصريف الكون، يعني: الكون متوزع على أربعة: البدوي، والجيلاني، والتيجاني، والرفاعي، وكل واحد أخذ ربع الكون يقوم بتدبيره مع الله سبحانه وتعالى.
لأن الشيعة أشد في هذا الأمر، ولهم في الكون تدبير، والشيعة هم الذين اخترعوا التصوف، لتكريس هذه المعاني المنحرفة، ويزعمون أن هناك قدرة خاصة للأولياء والأقطاب وآل البيت، وأكدوا في أتباعهم معاني الامتياز الطبقي في الدين؛ لأن الشيخ في الصوفية لما يموت أو في الشيعة لما يموت يورثون ابنه وإن كان لم يبلغ المشيخة، وهذا نوع من التمييز الطبقي في الدين.
وأنه ينتقل لأبنائهم بالوراثة، وكل ذلك لا أصل له في الدين، ومعرفة الله تجب عندهم بالعقل لا بالشرع كالمعتزلة، وما جاء في القرآن إنما هو مجرد تأكيد لحكم العقل ليس تأسيساً جديداً للأحكام